الشرف صفة
الشرف صفة يوصف بها الإنسان، و تعتز بها نفسه، و تحجز له مكانته ين الناس، وله أسابه و صوره.
و لعل من أول أسبابه طيب الأصل العائلي كما قيل :
* لهم نسبٌ يَبُزُّ الشمس نوراً * وتحسده على الشرف النجوم*
و كثرة المسارعة إلى الخير، و الإحسان و بذل العون للآخرين، و الشجاعة و الضيافة و الكرم و العلم
و غير ذلك، و إنما الشرف التليد، يكون في السبق الحميد من كل فعل و قول و الأصل أن الشرف الصحيح لا يحصل إلا بوفرة و رزانة أهل الحجى وجميل التقوى ،
فإن كل منهما يحمل على بذل الفضل و إغاثة الخلق و حسن التخلق ، السبب في ذلك أن العيون تلحظه و تتطلع إليه ،
و تنظر في كيفية مشيته و تصرفه و جميع أفعاله.
و قد يتعلق الشرف الإنسان بالصناعة و الحرفة التي يزاولها الإنسان، فيكون شرف على حسب المادة التي ينتج منها ،
فلا يستوي القطن و الذهب، و لا صناعة الحرير و بيع القصب ، و
كما أن الحيوانات و الجمادات تتفاوت في الشرف بحسب الحاجة و الطلب ، فكذلك الناس يتفاوتون .
ومن الناس من يحب الشرف حتى يتسنى له الافتخار به، وقد يغيب عنه أن الشرف قاتل والطمع فيه يزيد،
كيف لا وقد قال الرسول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ذئبان جائعان
في حظيرة وثيقة يأكلان وبأسرع فيها من حب الشرف وحب المال في المرء المسلم”، و في
هذا الحديث الشريف التحذير من أن يتوغل حب الشرف في القلوب فيطلب بكل طريق سبب .
الشرف صفة، فهو صناعة ناتجة عن طيب أصل الرجل ونبل عائلته
من الواجب هنا أن يتوارث الإنسان ما تركه له من تقدم من قرابته ويستديم حاله على ما هو عليه، فنعم الإرث
أن يذكر الشخص به على ألسنة الناس جميعا،
و يحذر من اللؤم يهدم الشرف ويعرض النفس للتلف، كما أن سوء الأدب يهدم ما بناه الأسلاف، والولد السوء
يشين السلف ويهدم الشرف كذلك.
ومن الواجب أخلاقيا أن يعرف الإنسان قدر أهل الشرف ومكانتهم، فيحفظ لهم هذا كله.
من مظاهر الشرف
أن يقدم الشخص في المحافل، ويحمل على أجمل المراكب، وتفتح له الأبواب والطرقات، و هو في ذلك كله متواضعا
حامدا لله على هذه الرفعة و المكانة، و قد يكون الشخص صغير السن و حاله
اجتماعيا و ماديا أقل من كثير من الناس حوله ، و في هذا قيل: * قد يدرك الشرف الفتى ورداؤه * خلق وجيب قميصه مرقوع * ،
غير أن كثير من الناس يحبون اختصار الطرقات للوصول إلى الشرف عن طريق تولي المناصب و الوظائف العليا ، و عن طريق إنفاق المال و شراء الذمم ،
فليس الشرف في السرف أي في تبذير الأموال و إذلال الرجال، و ينبغي هنا أن يحافظ الإنسان على شرفه، فلا يكون سلعة تشترى ، و لا عبدا لأحد،
ومن السيئ الآن أن يكون الوصول إلى الشرف أن يفعل الإنسان ما لا يرتضيه عاقل على وسائل التواصل حتى يجمع من المتابعين و القصد من ذلك بلوغ الشرف على حساب الكل و بكل الوسائل، و فد لا يكون هذا أبدا .
وعلى العاقل أن يصنع شرفه بنفسه و هذا بطاعة ربه وصيانة نفسه و باختياره ما يحفظ له كرامته و شخصيته.