العلاج السلوكي المعرفي: تعريفه وأهدافه وخطوات تطبيقه
جميعنا نمر في مواقف صعبة وتحديات تختبر قدرتنا على المواجهة، لكننا نختلف في طريقة تفكيرنا وتفسيرنا للأحداث، صراعات تحدث بين العقل والعاطفة ينتج عنها قرارات، ربما تكن قرارات صائبة تحل عقبة أو قرارات تضعك أمام عقبة، جميعها تحدث نتيجة السلوك والمعرفة، مفهومان لا غنى لأحدهما عن الآخر، فعندما يمتزجان معًا يعملان على تغيير مجرى الأحداث وتحويل العقبات إلى فرص للاستمرار والنجاح، مفهومان يشكلان طريقة العلاج السلوكي المعرفي والذي يلجأ إليه كثير من الأخصائيين النفسيين لما له من أثر فعال في تغيير شخصيات الكثير من الأفراد من الداخل بشكل إيجابي.
ما هو العلاج المعرفي السلوكي؟
العلاج المعرفي السلوكي هو شكل من أشكال العلاج النفسي، يرتكز بشكل أساسي على عقد جلسات بين الأشخاص الخاضعين للعلاج وبين المستشار النفسي، يكوّن بها المعالج فكرة واضحة عن نمط تفكير الطرف الآخر وطريقته في التعامل مع المشاكل والصعوبات التي تواجهه في الحياة، وبمجرد الكشف عن ذلك، يقوم مستشار نفسي معالج سلوكي متخصص في تعليم الفرد كيفية التكيّف مع التحديات والعقبات التي يمر بها، وكيفية تطوير سلوكياته السلبية بناءً على المعرفة والخبرة.
أهداف العلاج المعرفي السلوكي
يركز العلاج السلوكي المعرفي على الأفكار، ومدى ترابط المشاعر والأحاسيس الداخلية مع ردة الفعل الجسدية، وتتمثل أهدافه في هذه النقاط:
- زيادة وعي الأفراد بالمعتقدات السيئة وأنماط التفكير السلبية التي تؤثر عليه وعلى جودة حياته.
- التمييز بين الواقع المنطقي والحقائق الواقعية وبين الأفكار الخيالية التي غالبًا ما ينتج عنها سلوكيات لا واعية ولا منطقية.
- التركيز على المشكلات الحالية التي تسبب اضطرابات نفسية وردود فعل سيئة وسريعة للمواقف حتى لو كانت صغيرة.
- تطوير طرق إيجابية للتفكير خارج حلقة النمطية التقليدية، ورؤية المواقف من زوايا مختلفة للسيطرة على ردة الفعل الأولية.
خطوات العلاج المعرفي السلوكي
يتم تقديم خطة علاج سلوكي معرفي للأفراد عبر جلسات علاجية موثوقة، ضمن مجموعة من الخطوات السلسة والتدريجية وهي:
- تحديد المواقف السيئة والمشكلات المزعجة التي يمر بها الشخص الخاضع للعلاج، أيًا كانت المشكلة سوف يستمع مستشار نفسي معالج سلوكي لكافة الأفكار ويحدد أهداف العلاج بدقة ضمن فترة زمنية معينة.
- يناقش المعالج جميع الأفكار السلبية التي تدور في عقل المريض، ويحدد المشكلة بدقة والمشاعر المصاحبة للمشكلة وطريقة تعامله معها، تصرفاته وسلوكه وردة فعله الأولية، كل هذا سيدركه المعالج قبل تقديم خطة العلاج.
- في هذه الخطوة يدرك المعالج كيفية استجابتك للمواقف ويبدأ بتقويم السلوكيات وتعديل الأفكار باستراتيجيات فعالة، سوف يتفاجىء المريض بأفكار مختزنة ومشاعر سلبية متراكمة في داخله لا يدرك مدى تأثيرها على نفسيته وطريقة تفكيره.
نظرية العلاج المعرفي السلوكي
أثبتت النظرية السلوكية المعرفية فعاليتها العالية والمؤثرة في علاج الاضطرابات الشخصية وتعديل سلوكيات الأفراد في مختلف الفئات العمرية، واضع هذه النظرية هو الأمريكي “دونالد هربرت ميكينبوم”، وتتمثل بأسلوبين اثنين وهم:
1. أسلوب التحصين ضد الضغوطات النفسية باستخدام أسلوب الحديث الداخلي
أساس نظرية ميكينبوم هو المعتقدات والأحاديث الإيجابية عن النفس، وهو أسلوب يرتكز على التشجيع والتعزيز الذاتي المتمثل بطريقة التعامل مع المواقف بناءً على حديث الشخص الداخلي مع نفسه، من خلال استحضار صورة ذهنية للنتائج الإيجابية التي يحرزها الشخص عندما يتخلص من الأفكار السلبية، ويمر بثلاث مراحل أساسية وهي:
- مرحلة الإدراك
- مرحلة اكتساب المهارات
- مرحلة الاسترخاء وحل المشكلات
وبناءً على الكلمات التي يقولها الأشخاص عن أنفسهم تتحدد سلوكياتهم، وتصنف مهاراتهم وقدراتهم في مواجهة الضغوطات النفسية والتكيّف مع المواقف العصبية، تكتيك علاج معرفي سلوكي يقوم به المعالج ليساعد المريض على السيطرة على مشاعره وأفكاره المقلقة بمراقبة ذاته جيدًا وتغيير سلوكه وطريقة تحدثه مع نفسه.
2. أسلوب التوكيد الذاتي
أسلوب يمكّن جميع الأشخاص من التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم والدفاع عن حقوقهم بتعبيرات جسدية ملائمة، دون الإساءة إلى حقوق الآخرين، بطريقة يمكن التعبير عنها من خلال:
- تعبيرات الوجه
- التواصل البصري
- إيماءات الجسد
يدفع هذا الأسلوب المعالج النفسي إلى تدريب الشخص الخاضع للعلاج المعرفي السلوكي من احترام ذاته واحترام مشاعر الآخرين دون إصدار أي ردة فعل سلوكي انفعالي، بالإضافة إلى عدم الحرج من طلب المساعدة، ويوضح أيضًا طرق التعامل مع الأشخاص الذين يقابلهم لأول مرة.
سجل الافكار في العلاج المعرفي السلوكي
تأتي قوة العلاج السلوكي المعرفي من كون جلساته قصيرة المدى لكنها تحصد نتائج طويلة الأجل، فهو يركز على تعليم الأفراد أن يكونوا معالجين لجميع المشاكل التي تواجههم بأنفسهم، بالتقدير الجيد للأحداث والمواقف وتقييم المشاعر التي تصاحبهم.
ومن أهم الأدوات التي تساعد المعالج هي استخدام سجل الافكار في العلاج المعرفي السلوكي لوضع الفرضيات العلاجية المناسبة، من خلال السماح للمريض بتدوين الأفكار بطريقة منتظمة توضح نمط التفكير الخاص به وسلوكه في التعامل مع المشكلات، يحتوي جدول سجل الأفكار على:
- المشاعر التي شعر بها المريض أثناء حدوث الموقف باليوم والتاريخ.
- الأفكار الذهنية التي كانت تدور بباله قبل حدوث الموقف وهي هي طبيعته؟
- الدليل المؤيد والمعارض لهذه الفكرة وردة الفعل والتفسيرات المبررة لها.
- الأفكار البديلة التي تحقق التوازن النفسي دون إلحاق الأذى بالنفس والآخرين.
- المشاعر الجديدة التي تصاحب الفكرة البديلة.
باتباع سجل الأفكار سوف تلاحظ أنه خلال وقت قصير سوف يتغير التفكير وسوف تتكيّف مع المواقف، دون الحاجة إلى اللجوء لكتابتها في سجل الأفكار.
في النهاية، مهما كانت الأحداث التي تمر بها سيئة لا تجعل التفكير السلبي يسيطر على عقلك ويتجلى في ردود أفعالك، تعريف العلاج السلوكي لا يلغي التفكير السلبي تمامًا، إنما يوصلك إلى نقطة اتزان، تقدّر بها ذاتك وتعيد لها الثقة والاحترام، فالسلوك السلبي ما هو إلا قلة معرفة بالذات ونقص الخبرة في التعامل مع الآخرين، والعلاج السلوكي المعرفي هو أفضل الحلول لتطوير مهارات الأشخاص في التعامل والتكيّف مع المشكلات بوعي ومرونة وعقلانية.
تواصل مع مستشار نفسي عبر فسرلي
منصة فسرلي الإلكترونية للاستشارات النفسية والاجتماعية تقدم لك الكثير من الحلول العلاجية لصحة نفسية أفضل وتساهم في تحسين سلوكك ورفع استحقاقك ونوعية حياتك لتكن قادرًا على التعامل مع المحيطين بك بشكل جيد باستخدام أفضل التقنيات العلاجية الحديثة.