fbpx
الزوجية والعاطفية

طُرقٌ مختصَرةٌ للاحتفاظ بالهدوء

قبل التطرق لكيفية الاحتفاظ بالهدوء علينا ان ندرك ان الغضبُ حالةٌ طبيعيّةٌ تعتري جلّ النّاس إن لم نقل كلّهم. وهو ليس مذمومًا دائمًا إذ إنّ عدم الشّعور بالغضب قد يكونَ أكثر خطورةً. ولكنّه -أي الغضب- قد يزيد عن حدّه فيصبح مشكلة ويصبح الشّخص منبوذًا بين زملائه وأسرته وكلّ من يتعامل معه.
وفي هذا الكتابِ تحاولُ الكاتبةُ جيل ليندلفيلد تقديم استراتيجيّة للحدّ من الغضب الشّديد، وتحويله إلى أداة للدّفاع عن حقّك ونصرة الضّعفاء.

مرحلة الإعداد:

أولَى الخطوات في الاحتفاظ بالهدوء هي مرحلة الإعداد وفي هذه المرحلة ينبغي أن تحرص على إدراك ذاتك وانفعالاتك الغاضبة ومراقبة وسلوكك الشّخصيّ. وخصّص وقتًا مميّزًا لتطبيق هذه الاستراتيجيّة ساعتين أسبوعيًّا لمدّة شهر أو شهرين. وتخيّل التّغيّرات الإيجابيّة الرّائعة التي ستطرأ على حياتك. وخذ ورقة وسجّل عليها تلك النّتائج الإيجابيّة ولا تذكر السّلبيّات، فتكتب مثلًا: «لقد تحسّنت علاقتي بزوجتي كثيرًا.» أو: «سيكون أبنائي أكثر اطمئنانا بجانبي»، أو: «سيكون وضعي في العمل أكثر استقرارا»، ولكن لا تكتب بهذه الصّيغة: «سأكفّ عن مشاجرة زوجتي»، أو «لن يخاف أطفالي منّي»، أو: «لن أفقد وظيفتي». ثم زد معرفتك بطبيعة الغضب وثق أنّها استجابة طبيعيّة لا يمكن تفاديها، وهي مسألة وقتيّة لا أكثر.
كما أنّ استمرار الغضب لفترات طويلة يسبّب الكثير من المشاكل. وتختلف طبيعة الغضب من شخص إلى آخر، فلا يمكن أن تتشابه ردود الفعل. وللغضب مساران فيسيولوجيان؛ فقد يكون حالة طائرة يتصدّى لها بالهروب أو المواجهة أو السّكون، وقد يكون رد الفعل في الحالات العاديّة أكثر حكمة وهدوءًا. ومن المعلوم أنّ الإنسان في حالة التّهديد يكون ردّ فعله انفعاليًّا ويكأنّ التّهديد قد حدث فعلا.
وفي الواقع فإنّه يمكن للغضب أن يكون بنّاء إذا ما عبّرت عنه بطريقة آمنة وذلك من خلال السّيطرة على مشاعرك. وتدريب حارس الغضب الخاصّ بك. ومعرفة من أكثر الأشخاص الذين يثيرون غضبك. والأوقات التي يشتدّ فيها غضبك، كما ويمكنك طلب المساعدة من أصدقائك لتتعرّف أكثر على غضبك.

مرحلة تقوية الذات:

المرحلة الثّانية من الاحتفاظ بالهدوء تتمثّل في تقوية الذّات. ويكون ذلك بالزّيادة من تقدير ذاتك، لأنّ الشّعور بالنّقص وفقدان الثّقة بالنّفس هما من العوامل المحفّزة جدّا لنوبات الغضب. كأن ينتقدك أحدهم أمام الآخرين بشكل مثير للسّخرية. وينبغي لك أن تختار ثلاثة من الأصدقاء الذين ترتاح لهم أكثر من غيرهم. وبمقدورك قضاء وقت طويل معهم. واستعن بهم لإيجاد الطّرق التي تزيد من المواقف التي تحسّن من تقديرك الذّاتيّ. كمساعدة الغير، أو ممارسة عمل تجيده، ثمّ قم بعد ذلك بتسجيل الانتقادات التي توجّه إليك ودفاعاتك عن نفسك.
ودوّن نقاط ضعفك وأمام كلّ نقطة ردّ الفعل المناسب إذا ما تعرّضت للانتقاد بشأنها. كما وعليك أن تعرف أخطاءك وعيوبك جيّدًا، وستجد أنّها ما تثيرك من الآخرين، لذا عليك أن تهدأ وتتواضع وتقرّ بأنّ الخطأ الذي يستفزّك ويثير غضبك قد يكون فيك أنت شخصيّا. ثمّ اكتب عيوبك الشّخصيّة على ورقة. وسجّل ستّ أو سبع أخطاء ارتكبتها طيلة حياتك، ثمّ اذكر الأشخاص الذين تأذّوا من أخطائك تلك، ثم تذكّر نقاط قوّتك وصفاتك الحسنة وبادر بممارستها واحرص على تنحية نقاط الضّعف.
كما عليك أن تسعى لنسيان الماضي الذي يؤلمك، وسجّل جراحات الماضي. واستعن بصديق تستطيع مكاشفته بآلامك، وحاول أن تجد طريقة تعوّضك عمّا تعرّضت له في الماضي. كإيجاد صديق جديد، أو مدرّب جديد يساعدك على تجاوز ما تتعرّض له من تنمّر بسبب ضعفك. ولا تنس أنّه بإمكانك الاستفادة  من جراحات الماضي.

مرحلة إدارك الاستقرار:

تأتي بعد ذلك مرحلة إدراك الاستقرار وهي أهمّ وأصعب مرحلة، إذ عليك خلالها تغيير استراتيجياتك القديمة اللاواعية بأخرى جديدة واعية وأكثر حكمة، ثمّ فكّر بإيجابيّة حيال التحدّيات الصّعبة، واختر بعض الاقتباسات المحفّزة وضعها نصب عينيك، واختر تحدّيًا صعبًا ثمّ اسأل نفسك كيف كان سيتصرّف البطل فلان الذي أحبّه تجاه هذا التّحدّي؟ وما النّتائج الإيجابيّة المتوقّعة؟ وما التّهديد الذي قد يثيره هذا التحدّي؟

ثمّ يأتي دور التّحكّم في السّلوك والتعبيرات الجسديّة، وينبغي أن تزوّد نفسك بتعليمات واضحة عن الغضب حتّى تُبقي غضبك آمنًا ومؤثّرًا بشكل صحيح. ولا تنسَ أنّ الغضب هو الذي يحفظ لك شجاعتك عندما يدعوك الخوف والجبن للتّنازل عن حقوقك. ثمّ اجعل لضميرك ميثاقًا شخصيًّا وسجّل فيه الأمور التي تتعلّق بالأخلاق بحسب درجة كلّ واحدة منها، كما عليك أن تتقن فنّ التّحكّم في النّبض. وقم بتمارين التّنفّس يوميّا. وحاول ترخية عضلاتك، واسحب نفسًا عميقًا بأنفك واحبسه  بين عشر وخمسة عشر ثانية، وأخرجه من فمك مع تكرار العمليّة بانتظام مع زيادة وقتها.
وعند الغضب حاول التّخفيف من حدّة كلامك، مبتعدًا عن اللّغة السّلبيّة مستخدمًا اللّغة الإيجابيّة. وصرّح بمشاعرك عوضا عن إلقاء اللّوم. وحدّد مسؤوليّات كلّ شخص، وكذلك ضع حدودا لما يمكن ولما لا يمكن تقبّله، وتدرّب بشكل مستمرّ على الإجابات والرّدود الحاسمة.
وينبغي أن تتدرّب على ردودك أمام المرآة بصوت مرتفع، بتكرار ذلك عشرين مرّة متتابعة على الأقلّ، كما بإمكانك أن تشارك أصدقاءك في التّدريب، فتطلب منهم استفزازك واستثارة غضبك وراقب ردود فعلك، وكافئ نفسك عند كلّ تحسّن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى