fbpx
التنمية البشرية

السَعادة, أسعِدْ نَفسَك وأسعِدْ الآخرِين

السَعادة؛ ذاكَ الشّورُ الحاضرُ الغائبُ، القريبُ البعيدُ، المفقودُ الموجودُ، والمنشودُ منْ جميعِ فئاتِ النّاسِ؛ غنيّهم وفقيرُهم، صحيحُهم وسقيمُهم، طيّبهم وخبيثُهم، جميعُهم في البحثِ عن السّعادةِ والسّعيِ لتحقيقِها سواء، تختلفُ سبلُهم وتبقَى الغايةُ واحدة.
بيدَ أنّ الغالبَ على كثيرٍ من النّفوسِ البشريّةِ أنّ السّعادةَ تبقى حُلمًا أو بالأحرى وهمًا لا يُمكنُ بلوغُه بحال، وهذه الفئةُ من النّاسِ انتقدهم الدكتور حسّان شمسي باشَا في كتابِه «أسعِد نفسَكَ وأسعِد الآخرِين»، حيثُ أكّدَ الدّكتورُ على أنَّ تحقيقَ السّعادةِ أمرٌ ممكنٌ في ظلِّ ما تحتويهِ الحياةُ على أسبابٍ كثيرةٍ تُساعدُ فِي ذلك.
وقد قسّم كتابه إلى سبعةِ أقسام:

1 منْ السّعيد؟:
أشارَ الكاتبُ في هذَا القسمِ إلى أنَّ السّعيدَ الحقَّ هو ذاكَ الرّاضِي بحالِه، منْ عرفَ حُدودَ سعادتِه فوطّنَ نفسَه عليهَا، كما ودعَا إلى تأمّلِ نعمِ الله تعالى المُحيطةِ بنا لما في ذلكَ من استِشعارٍ للسّعادةِ، والاتّعاظِ بمَا عليهِ الغيرُ من أهلِ الابتِلاء، كمَا وبيّنَ أنَّ السّعادةَ الحقّةَ إنّما هي في مرضاةِ الله تعالَى، والسّعيِ لبذلِ المعروفِ بينَ النّاس.

2 أينَ السّعادةُ؟:
بيّنَ الكاتبُ في هذا القسمِ أنّ إدراكَ السَعادة أمرٌ عسيرٌ وليسَ يسيرًا كما يعتقدُ كثيرٌ من النّاسِ، الذينَ يظنّون أنّ السَعادةَ تكمنُ في تجميعِ المالِ والثّروةِ، أو اتبّاعِ الشّهواتِ وتحقيقِ الملذّاتِ، أو الانكبابِ على المُطالعةِ والكتبِ، أو إدمانِ المُنكراتِ هروبًا من واقِعهم، أو تركِ الدّنيَا زُهدًا فيها.
ويرَى الكاتبُ أنّ المالَ الوفيرَ لا يصنعُ السَعادة بل إنّ كثِيرينَ منْ طالبي الثّراءَ اللّاهثينَ وراءَ المالِ لا يهنأُ لهم عيشٌ، ولا تطيبُ لهم دُنيَا مصداقًا لحديثِ النّبيّ-صلّى اللهُ عليهِ وسلّم-: «من كانتِ الآخرةُ هَمَّهُ جعلَ اللهُ غناهُ في قلبِهِ وجمعَ لَه شملَهُ وأتتهُ الدُّنيا وَهيَ راغمةٌ، ومن كانتِ الدُّنيا همَّهُ جعلَ اللهُ فقرَهُ بينَ عينيهِ وفرَّقَ عليهِ شملَهُ، ولم يأتِهِ منَ الدُّنيا إلَّا ما قُدِّرَ لَهُ.»

3 أَساسُ السّعادةِ:
يُشيرُ الكاتبُ هنا إلَى ارتباطِ مفهومِ السّعادةِ بطباعِ الشّخصِ نفسه ومزاجِه؛ فالبشوشُ الرّاضِي إذا ابتُلِي وجدتَه من الصّابرينَ المُحتسبِين، أمّا العبوسُ السّاخطُ فإذا ما ابتُلِي وجدتَه منَ الشّاكينَ المتذمّرين.
كمَا ويرَى أنّ العملَ مصدرٌ لتحقيقِ السّعادةِ حتّى وإن كانَ شاقًّا، إذ إنَّ أغلبَ من يُصابُون بالاكتئابِ والأمراضِ النّفسيّةِ هم من العاطلينَ عن العملِ. وقد أشارَ الكاتبُ إلى أنّه على المرءِ أنْ يجعلَ له هدفًا في هذه الحياةِ ويكافحَ لتحقِيقه.
ثمّ يختمُ هذا الجزءَ بذكرِ وصفةٍ بسيطةٍ تساهمُ في بلوغِ السّعادةِ وهي أن يكونَ المرءُ وسطًا في جميعِ أمورِه الدّينيّةِ والدّنيويّةِ؛ فلَا إفراطَ ولا تفريطَ.

4 الإيمانُ والسّعادةُ القلبيّةُ:
أكّد الكاتبُ هُنا علَى جدليّةِ العلاقةِ بينَ الإيمانِ والسَعادة، إذ إنَّ الإيمانَ باللهِ واليومِ الآخرِ باعثٌ على الطّمأنينةِ والسّكينةِ والرّاحةِ القلبيّةِ، مصداقًا لقولِ اللهِ تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرّعد ٢٨]، وأشارَ إلى أنَّ أكثرَ النّاسِ شقاءً هم المُلحدُون وإنْ كانوا منْ أغنى النّاسِ وأوفرِهم مالًا.

5 إسعَادُ الآخرِينَ وأثرُه فِي سَعادةِ النّفسِ:
يَرى الكاتبُ أنَّ إسعادَ الآخرينَ بمواساتِهم والتودّدِ إليهِم، والتّلطّفِ معهم، والتّبسّمِ في وجُوههم، منْ أكثرِ الأشياءِ الباعثةِ على السّعادةِ، إذ ليسَ أحبَّ إلى المرءِ من رؤيةِ أحبابِه وخلّانِه سُعداء، وبخاصّةٍ الوالدانِ لمكانتِهما العظيمةِ، وفضلِهما علينَا، ثمّ بقيّةُ الأهلِ والأرحامِ وفي ذلكَ مجلبةٌ للبركةِ والخيرِ.
وأشارَ الكاتبُ إلى أنّ العباداتِ وحدها لا تكفِي العبدَ إذا لم يُزيّنهُ خُلقٌ حسنٌ مصداقًا لحديثِ النّبيِّ -صلّى اللهُ عليهِ وسلّم-: «ألا أُخبركم بأحبِّكم إليَّ وأقربِكم مني مجلسًا يومَ القيامةِ ؟ فأعادها مرتَين أو ثلاثًا. قالوا : نعم يا رسولَ اللهِ ! قال : أحسنُكم خُلُقًا.»

6 سَعادةُ الأزواجِ سعادةُ البيوتِ:

يعتبرُ الكاتبَ أنّ أساسَ سعادةِ البيوتِ تقومُ على التّوافقِ والتّعاونِ بينَ الزّوجين الذيْنِ ورغمَ ما قدْ يكونُ بينهما منْ اختلافاتٍ وفروقاتٍ إنّما هي طبيعيّةٌ، ولا ينبغِي أنْ تتسبّب بفجوةٍ بينهُما، بل بالعكسِ ينبغي للزّوجينِ ان يستثمرا تلكَ الاختلافاتِ والفُروقاتِ لخلقٍ شيءٍ من التّكاملِ في العلاقةِ بينهما.
كما وأشارَ إلى أنّ أساسَ النّجاحِ والسّعادةِ بينَ الزّوجينِ يكمنُ في تقوَى اللهِ والاحتكامِ إلى شريعتِه، فتطيبَ بذلكَ الصّحبةُ بينهما. وقدْ لخّص ما تريده المراةُ من الزّوجِ ونو أن يكونَ قويًّا ناصحًا صديقًا حميمًا، وما يريده الرّجلُ من الزّوجةِ أنْ تكونَ قنوعةً مطواعًا، وعليهِ فلا يُكلّف أحدُهما الآخرَ ما لا يُطيق.

7 رسالةٌ إلى الزّوجِ والزّوجةِ:
قدّم الكاتبُ في هذا الجزءِ جملةً من النّصائحِ للزّوجِ والزّوجةُ لتحقيقِ السّعادةِ بينهما؛ حيثُ نصحَ الزّوجَ بطيبِ معاملةِ زوجتِه، وعدمِ إهانتِها، وحسنِ الإنصاتِ إليها ومشاركتِها همومِها ومشاغِلها، والثّناءِ على ما تقدّمه منْ أعمالٍ، وإشعارِها بالأمانِ وأن يتجنّبَ ذكرَ النّساءِ أمامَها.
ثمّ نصحَ الزّوجةَ بالقناعةِ والرّضى، وحُسنِ التّبعّلِ لزوجِها، واحتِرامه، وطيبِ المُعاشرةِ، وأن تعيَ جيّدًا أنّ الحبَّ بعدَ الزّواجِ يهدأُ ويصبحُ متّزنًا، وعلى الزّوجةِ أنْ تجعلَ من البيتِ جنّةَ الرّجلِ في الدّنيا. الخاتمة:
فِي ختامِ كتابِه بيّنَ الكاتبُ أنَّ أساسَ السّعادةِ داخلَ الأسرةِ إنّما هو في مدى تديّنِ وارتباطِ أفرادِها باللهِ تعالى، إذ إنّ حضورَ الوازعِ الدّينيِّ داخلَ الأسرةِ يحفظُ الأبناءَ منَ الانحرافِ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى