fbpx
التنمية البشرية

الصمت زمانه ومكانه وعنوانه وعلاقة السكوت بالحالة النفسية للانسان

لماذا يكون الصمت زمانه ومكانه وأي انسان يكن سكوته عنوانه؟

الصمت زمانه ومكانه بل وعنوانه أيضًا فمن هو؟ إن الصمت إرادة و رغبة في ترك الكلام ، وهو على خلاف الأصل حيث يوصف الإنسان أنه كائن عاقل ومتكلم بل وضاحك، وفي الصمت ينتفي الكلام فضلاً عن الضحك، أحيانًا تنوب عليه الابتسامة ولها دلالاتها أو الإشارة ولها رسائلها، الغالب من يميل إلى الكلام هو من له حاجة من وراء إنباء ضميره عن أفكاره وطلباته، والغالب على من يُفضل الصمت أن لا تدعوه نفسه إلى الكلام بتقدير عدم جدواه أو أن لا يعي القوم فحواه، وفي هذا قيل:

***وفي الصمت سترٌ للغيِّى وإنما … صحيفة لبِّ المرء أن يتكلما ***

  •  وكلاهما بتقدير ما يدور في الذات عالمان،
  • ووجه التقدير أن الإنسان ككائن لا ينفك عن التفكير،
  • وبالتالي عن الكلام النفسي أو الصوتي، فبين مخاطبة النفس،
  • وبين الهمهمة،
  • والتمتمة،
  • وبين الكلام والخطاب تجوب النفس في عالم البيان.

الصمت بين زمانه ومكانه

  • أزمنة الصمت وأمكنته كثيرة؛
  • فمن الناس من يلازمه حتى لا يندم إذ البلاء كما قيل موكل بالقول أو النطق،
  • فمن تكلم فقد صرَّح، بينما لا ينسب للمتكلم قول،
  • ومن سكت فقد سكن وسلم،
  • ومن المعيب أن يتكلم المرء في كل فن وعلم وقضية وحادثة
  • بل الأجدر بالعاقل أن ينتهي حيث انتهى علمه،
  • فيكون الصمت حينها علامة واضحة على جودة عقله ونور بصيرته
  • كما أنه إذا كان كلامه عن علم متين و فهم أمين، كان أحظى بالقبول في أسماع الناس وذواتهم
  • ومن أوتي قلة الكلام مع بلاغة الكلمة، فقد أوتي خيرًا كثيرًا، وكان خيرا ممن أسهب وأطنب ظنًا من غير حاجة،
  • ظنًا منه أنه يأتي بالعجب،
  • ومن أجمل زمانه ومكانه أن ينتقي العاقل زمان إلقاء الكلمة على ما تقتضيه الظروف وتُسْعفُه في ذلك الكلمات والحروف
  • وأن يتقي زمانه، فبين زمان الانقباض والانبساط، وبين زمان السرور والشعور بالقهر، وبين الإعياء والنشاط ،
  • تفتح مدارس النفس من الحواس
  • ويكون القبول من عدمه
  • فليعرف صاحب الحاجة متى يتكلم؟،
  • ومتى يصمت؟
  • وماذا يُقدم؟
  • وكيف يتأخر؟
  • فإن للأنفس انشراحٌ وانزواءٌ

عنوان الصمت

  • وله عناوين كثيرة؛ بحسب مقتضى الحال،
  • فقد يكون مقتضى القهر الشديد،
  • ثم قد يكون هدنة عاقل لمزيد من التفكير،
  • أو تخمين ذكي من أجل جواب جميل،
  • وممكن أن يكون عن استشكال بغية اتضاح الحال،
  • ثم قد يكون عن إعياء من كثر الخطاب بلا فائدة،
  • وقد يكون تسليم لغرض القاصد،
  • ولكن قد يكون عن بهت و ضعف حجة،
  • وقد يكون عن حيرة وغياب دليل،
  • ثم قد يكون وقوفًا من أجل عدم ترك الخوض والتعمق
  • وهذه حالات يكون فيها الصمت أولى،
  • غير أن بين الكلام والصمت قاعدة من ذهب،
  • فإذا أرادت نفس المرء الصمت فلتتكلم،
  • وإن أرادت الكلام فلتصمت،
  • فإن الغالب على إرادة الكلام قول الحق،
  • والغالب من الصمت إنكاره،
  • ويبقى الصمت في الأخر حكمة وقليل فاعله،
  • والكلام كثيرًا بالحق فنٌ قليل من يحسنه،
  • فالعاقل يختار ما هو أولى وأحلى، ففي كلا الأمرين حلاوة والعبرة بصاحب الذوق السليم.

الكاتب:

كتب بواسطة الكاتب (د. عبد الرحمن جلال الدين ) اطلب استشارتك الآن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى