الضحك سمة الإنسان
الضحك سمة الإنسان، الضحك حالة يسط في الشعور النفسي، يجد الضاحك لذتها، وله أسباب كثيرة. و الناس هما يختلفون فيه،
أي بعضهم يكبل إلى الضحك فوق الحد المعتاد فيكون هو الضحوك، ضحوك في نفسه و ضحوك لغيره،
فما أن يرى أو يتكلم إلا و طريق كلامه و كبيعة حركاته تثير الضحك، فإن كان في مجلس بقصد به الترفيه و إخراد النفس
من حيز الجد إلى مساحة الترويح و الانبساط فهو أمر جيد محمود، وإن كان في غير زمانه و مكانه وأهله،
فلا ينبغي أن يكون احتراما لطبيعة الحال ، وإن كان زاد على حده و كثر من الشخص حتى أصبح بعرف بكثرة الضحك
فقد يكون هذا سببا في سقوط مهابته من كثرة نزاحه و دعابته.
ويزداد الأمر سوءا أن يتعمد الإنسان الضحك كأسلوب حتى يضحك الناس لإسقاط هيبة أشخاص والتعدي على حرماتهم،
وقد لا يستهان الضحك لأن قد يوظف لإذهاب مقام الحكام والرؤساء حتى غطاء حرية التعبير أو غير ذلك، ويبلغ الأمر حدا
لا ينبغي أن يكون أبدا أن يتعمد الشخص الضحك للتطاول على الذات الإلاهية و الأمور العقائدية،
والعاقل مطالب أن يكون طريقه في حالة المناقشة لأي فكرة و عقيدة بالبيان و الحجة لا بالضحك و السخرية.
الضحك سمة الإنسان، وكثرة الضحك في الغالب ليس من الأمور الجيدة، قال أَبُو حاتم: من علامات الحمق التي يجب للعاقل تفقدها
ممن خفى عَلَيْهِ أمره سرعة الجواب وترك التثبت والإفراط في الضحك وكثرة الالتفات والوقيعة في الأخيار والاختلاط بالأشرار.
وقال غيره: اعتياده الضحك شاغل عن النظر في الأمور المهمة، مذهل عن الفكر في النوائب الملمة. وليس لمن أكثر منه هيبة
ولا وقار، ولا لمن وصم به خطر ولا مقدار، والأفضل في كل هذا الاكتفاء بالابتسامة، قال عمر رضي الله عنه: الابتسامة دعابة.
ولا يعكس الضحك كل هذا
، بل قد يكون ردة فعل تدل على الإعجاب، وليس العجب، فإن من تجده معجب بنفسه قد نجده كثير الضحك،
بينما الضحك من الإعجاب وهذا قد يدل على تمام عاقل الناظر فيما يصير حوله من أحداث.
قال أبو بكر الكتاني: رأيت في المنام شابا لم أر أحسن منه فقلت: من أنت. فقال: التقوى قلت: فأين تسكن.
قال: في كل قلب حزين ثم التفت فإذا امرأة سوداء كأوحش ما يكون فقلت: من أنت فقالت: الضحك فقلت: وأين تسكنين فقالت: في كل قلب فرح مرح.
قال: فانتبهت واعتقدت أن لا أضحك إلا غلبة. وحكي عن عيسى عليه السلام أنه قال: ” إن اللَّه تعالى يبغض المضحاك من غير عجب، والمشاء إلى غير أرب.
وخلاصة القول ما ذكره العلماء أن المزاحُ المنهيُّ عنهُ، هُو الذي فيه إفراطٌ، ويُداوم عليه، فإنه يُورث الضحك وقسوةَ القلب،
ويُشغل عن ذكر الله تعالى والفكر في مهمات الدين، ويؤولُ في كثيرٍ من الأوقات إلى الإِيذاء، ويُورثُ الأحقاد،
ويُسقطُ المهابةَ والوقارَ. فأما ما سَلِمَ من هذه الأمور،
فهو المباحُ الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلهُ،
فإنه صلى الله عليه وسلم إنما كان يفعلهُ في نادرٍ من الأحوالِ لمصلحةٍ،
وتطييب نفس المخاطب ومؤانستهِ، وهذا لا منعَ منهُ قطعاً، بل هو سنةٌ مستحبةٌ إذا كان بهذهِ الصفةِ،
فاعتمدْ ما نقلناهُ عن العلماء وحققناهُ في هذه الأحاديث وبيان أحكامها، فإن مما يعظمُ الاحتياجُ إليه.