fbpx
الزوجية والعاطفية

الفشل البنّاءُ

لا يمكنُ أن تكون هناك حياة دون فشل، فالفشل جزء من حياة كلّ فرد. وفي كتابه «الفشل البنّاء» يبيّن جون سي ماكسويل كيف يمكن للفشل أن يكون ذا فائدة وطريقًا نحو النّجاح.

يُعتبرُ الفشل أمرًا شخصيًّا، ولا أحد غيرك يمكنه تسمية ما تفعله فشلا. كما أنّ التّعامل مع الفشل لا يمكن تعلّمه في أيّ مكان، فهو عبارة عن مهارة تُكتسب من التّجارب. غير أنّ البيئة التي تحيط بنا تُرسّخ أسوأ المعتقدات والمشاعر عن الفشل، ممّا يجعلنا نخشاه دائما ونعتبر الوقوع فيه النّهاية.

ولكن في الواقع فإنّ الفرق بين الأشخاص العاديّين والأشخاص النّاجحين يكمن في طريقة تعاملهم مع الفشل وفهمهم له، وردّ فعلهم تُجاهه. وقناعتهم بأنّهم قادرون على تجاوزه. والاستمرار لتحقيق النّجاح، وهو ما يفعله الفشل البنّاء؛ إذ يعلّمك تحمّل مسؤوليّة أخطائك. فلا تلقي باللّوم على غيرك، وتكون لديك نظرة إيجابيّة فلا تتوقّع الإخفاق في كلّ مرّة.

كما أنّك تنظر إلى هذه الأخطاء والإخفاقات على أنّها جزء طبيعيّ من نظام الحياة. فتستفيد وتتعلّم منها، وتتحمّل مسؤوليّة ما تقوم به.

أحد المفاهيم البشّريّة المتغلغلةِ في جميع النّاس؛ «الخزي»، وهو ليس دائما بسبب حكم أحدهم علينا. بل إنّ من أشدّ أنواع الخزي ألما تلك التي تنبع غالبا من داخلنا. ممّا يساهم في تحوّل الخزي لدى الكثير من النّاس من وباء صامت، إلى صورة من صور حماية النّفس. فتجدنا نستعمله عند الخلافات والمشادّات الكلاميّة. وفي تربية الأبناء لإشعارهم بعظم أخطائهم. وهذا قد يجعل الشّخص يشعر بأنّه ليس جيّدا. وأنّ خطأه معيبٌ جدًّا، ممّا يجعلنا  وباختصار نشعر بأنّ أخطاءنا تمثّلنا.

غير نظرتك لنفسك وابتعد عن الفشل:

غير أنّ نظرتك السّلبيّة تجاه نفسك وإنّك شخص فاشل تحول بينك وبين جعل فشلك بنّاءً، لذلك تحتاج للاحتفاظ بانطباع جيّد عن نفسك وقدراتِك. ولا تجعل الفشل مرتبطًا بك شخصيًّا، فتقول لنفسك أنّك لست فاشلًا حتّى وإن لم تنجح في آداء الأمر.

ولكن يجب أن تتحلّى نظرتك لنفسك بالواقعيّة، فلا ترفع من سقف توقّعاتك. ولا تظنّ أنّك ستنجح من أوّل مرّة.

ولا تكرّر نفس الأخطاء؛ فكثير من النّاس يعتاد الفشل. فتجده يكرّر نفس الأخطاء مرّات ومرّات، وبتكراره لهذه الأخطاء لا يستطيع تجاوز الطّريق السّريع الذي يؤدّي إلى الفشل. ولكن مهما كان الظرف الذي أدّى إلى ذلك إلّا انّ الفشلَ يولد من الدّاخل لا من الخارج.

وأوّل الفشل عادةً خطأ بسيط نقوم به، ثمّ ننكر أنّنا تسبّبنا به. ثمّ نلقي القول على الآخرين، أو على الظّروف ومُجريات الأمور، فنغضب بسبب ذلك الإخفاق ونحاول إخفاءه. والتّبرير لأنفسنا، ثمّ نسرّع من خطواتنا لإصلاح الخطإ. غير أنّنا سرعان ما نيأس ونستسلم لأنّنا نقوم بنفس الخطواتِ التي تصل بنا إلى نفس النّتائج.

ولكي نخرج من الطّريق السّريع للفشل ونجعل من فشلنا بنّاءً؛ علينا أن نعترف بأخطائنا. ونتحمّل مسؤوليّة أفعالنا، ثمّ نحاول من جديد ولكن بعد التّفكير في أسباب الفشل والسّعي لتغييرها. واعتبار كلّ فشل خطوة نحو البداية من جديد، والتّعلّم من الأخطاء.

إنّ النّظرَ إلى الأشخاص النّاجحين والمقارنة بيننا وبينهم، والانبهار بنجاحاتِهم، يجعلنا نشعر بالإحباط  وأنّنا لن نحقّق شيئًا ممّا حقّقوه هم. وحينها يتملّكنا اليأس وتبدأ الأعذار في الظّهور. فنقعد بذلك عن الخَطو نحو النّجاح.

ونحن حينما نقارن أنفسنا بهم إنّما ننظر إلى ما أنجزوه خلال سنوات. بينما نحن نريد تحقيق ذلك في الحال من دون تعب ولا محاولة، دون أن ندرك أنّهم أيضا قد مرّوا بتجارب سلبيّة. وأخطاء، علمًا أنّه لا يوجد فرق بين النّاجح والفاشل، وبين من يحلم ومن يعمل سوى أمر بسيط جدًّا. ألا وهو قوّة المثابرة التي تجعله يستمرّ في المحاولة: فلا هزيمة إلّا من داخلنا، ولا فشل إلّا في العجز عن المحاولة.

فأهمّ صفات النّاجحين الذين حوّلوا فشلهم إلى فشل بنّاء هي الصّلابة والمثابرة.

حاول ان لا تقف كثيرًا مع الماضي، لأنّ الماضي يقيّدنا إليه. ويحول بيننَا وبين النّظر بإيجابيّة إلى مُعطياتِ الأمور، فنصبح أسرى لمشاعرنا الخاصّة. أو نلجأ إلى الإدمان، أو الإفراط في الطّعام، أو العمل.

وما يميّز الأشخاص النّاجحين قدرتُهم على مقاومة الماضي. وعدم الانغماس فيه.
إنّنا نحتاج إلى تعلّم كيفيّة اتّخاذ أحداث الماضي ظهريًّا. ثمّ نواصل التّحرّك لأنّ القيد في سجن الماضي والسّعي نحو فشل بنّاء لا يمكن أن يجتمعا. ومهما كان سواد الماضي حالكًا، فلا ينبغي أن نسمح له بصبغ حياتنا بالكامل، كما وينبغي لنا التّحرّر من الأحداث السّلبيّة.

يغلبُ على الكثيرين ممّن يعانون من الفشلِ المزمن التفكير بأنفسهم لا غير. وينتظرون تحقيق النّجاح كي يهتمّوا بالآخرين حتّى لو كانوا أقرب النّاس إليهم.


وهذا خطأ؛ إذ على كلّ من يرغب في تحويل فشله إلى فشلٍ بنّاء أن يهتمّ بدائرتِه القريبة، ومساعدهم، والاهتمام بشؤونهم، وأن لا يجعل من تركيز طاقاته على نفسه سجنًا مغلقًا عليه، وينبغي أن لا يكون أنانيًّا، لأنّ ذلك سيشعره بعدم الأمان، كما أنّ العمل الجماعيّ سيكون غير ممكن.


بينما لو كان مهتمًّا بمن حوله، لوجد من يساعده عند الحاجة، إضافة إلى إحساسه بقيمته وكفاءته. وهذا لا يحصل إلّا بتنمية روح العطاء والمساعدة لدى الشّخص ليكون ذا تأثير في من حوله، مساعدًا لهم، ملبّيًا لاحتياجاتهم، فاعلًا في حياته وحياتهم.


عليك أن تعلم أنَّ كلّ شيءٍ في الحياةِ فيه قدر من المجازفة والمخاطرة. فإمّا أن نتعلّم ونستفيد من تجاربنا وتجارب غيرنا، ونبحث عن الحلول، ونوجد الفرص. وإمّا أن نضيّعها من بين أيدينا، ونكرّر الأخطاء مرّة تلو مرّة.


لا نحتاج سوى أن نقرّرَ: هل الهدف مهمّ أم لا؟ وهل يستحقّ منّا المجازفة أو لا؟ فإن كان مهمًّا ويستحقّ المجازفة، فينبغي أن نبدأ العمل بعيدًا عن التّهوّر والمجازفات غير المحسوبة، ولكن ينبغي أن نجازف بالقدر الذي نراه صائبا، ونحن نؤمن أنّ من يصبو إلى النّجاح لا بدّ له أن يواجه الصّعوبات، فلا نجاح دون تعب، ولا نجاح دون جهد، مع ارتكاب الكثير من الأخطاء، لكن علينا أن ندرك أسباب الوقوع في الخطإ وكيفيّة تجنّبه، وتدارك ما فات، والتعلّم من تجاربنا، وعدم الوقوع في اليأس والاستسلام، وجعل أي فشل فشلًا بنّاء.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى