هل التعلق يجلب القلق
هل التعلق يجلب القلق؟ ، التعلق: حالة شعورية تصيب الإنسان، وقد يجلد لذته حين الوصل ويجد ألمه عند البين أي الفراق والانفصال.
و قد يكون التعلق من باب المحبة و الغرام، فإذا أطلق العنان المشاعر، و توفرت أسبابه، و خلى الجو، فانتقل الحال حينها من حال التعلق إلى حالة الإدمان، و كلما زاد أثره في النفس، صعب بعدها التخلص منه ولابد، و في هذا قال جميل الذي ابتلي ببثينة :
*تعلَّقُ رُوحي روحَها قبلَ خلقِنا * ومِنْ بعدِ ما كنَّا نِطافاً وفي المهدِ *
*فزادَ كمَا زِدنا فأصبحَ نامِياً * وليسَ إذا مُتنا بمُنتقضِ العهدِ *
ولكنَّهُ باقٍ علَى كلِّ حالةٍ * وزائرُنا في ظُلمةِ القبرِ واللَّحدِ *
هل التعلق يجلب القلق ؟، وقد يعكس التعلق حالات كثيرة
فقد يكون عن حالة فراغ ، أو رغبة و إمتاع أو احتواء و انتفاع ، عن موافقة حقيقة بين الأرواح ،
أو حالة تصور قاصرة ، أو حالة طلب ملحة ، و إن يكن فإن الأسباب قد تختلف و بالتالي الأهداف قد تختلف ،
الغالب على التعلق أنه حالة شعورية قد توصف بالمرضية ،
وقد يعده كثير من الناس أنه فخ نصب ، ويقع فيه الشخص إما باختياره أو دون اختيار ،
هذا توصيف كثير من الناس أتعبه التعلق وأخذ من جهده و طاقته ، ثم أصبته الفيقة بعد السكرة ، و رجع إليه وعيه،
و لعل رجوع الوعي إليهم يؤدي حتما إلى إعانة و تنبيهم الواقعين فيه ،
و لعل أكبر نتيجة يرصدها من جربه أن يجتهد الإنسان في أن يستقل بنفسه عن كل شخص أي يجعل له كيان منفصل في هذا الوجود ،
وليكن تعلقه محدودا مدروسا ، تعلقا لا يلغي فيه ذاته و وجوده ،
و أكثر ما يتعب المتعلق أمران
الأول: أن يبذل جهده في إرضاء الشخص مهما كان، ثم يجد إهمالا و تجاهلا و لا مبالاة،
والثاني : أن يتنكر له هطا الشخص و يتغير كليا بعد علاقة و وصل كانت بينهما ، و كلاهما يفضي إلى خوف الفقدان الجزئي و الكلي ،
فإن الصد و الإهمال و التنكر كله قاتل . و لعل السؤال الذي يفرض نفسه، ما الذي يستفيد منه الشخص حين يعيش حالة من التعلق؟،
وما القيمة التي تضاف إليه، و كيف ينعكس ذلك كله على حياته و مستقبله و قراراه واختياراته، بل التعلق إذ اشتد وامتد يعبق ذلك كله،
و يجعل من الإنسان يعيش حالة من التوقف في عالم يتصف بالحركة و النشاط ، وهنا يصعب تخطي هذا التعلق و يستشعر بالألم الكثير،
يزداد الأمر ألما إذا جنح الشخص إلى مراقبة من تعلق به في الواقع و عبر وسائل التواصل و غير ذلك بغية معرفة أحواله و أخباره و بالمقابل يشعر بضرب من الاحتقار و الإهانة ،
فقد لا يتسع قلبه لكل هذه المشاعر المختلطة بل يتألم و يتحسر .
و لعل الحال هنا يحتاج إلى مراجعة أهل الاختصاص حتى يتم العمل على إيجاد توازنه النفسي من جديد ،
ولعل أهم ما يجب فهمه و تفهيمه الفرق بين التعلق الذي يتصف بأعراض المراض النفسي، و بين عاطفة المحبة التي لها دلالاتها ،
والتي تتسم ثمراتها بالبذل و العطاء و الاحترام و الاهتمام ، و ما أجمل أن يودع العبد قلبه لله سبحانه ،
فيكون تعلقه و محبته كله رضى لله سبحانه.