الاختصار.. اصنع تأثيرا أكبرَ بكلماتٍ أقلّ
يُحاول الكاتبُ جوزيف ماكورماك في كتابه هذا تقديم جملةٍ من النّصائح والأسس التي تساعدُ على الاختصار. والوضوح لربح الوقت وتحقيق الهدف. بتوفير الوقت والجهد في ظلّ ما يعيشه العالم القائم على الرّأسماليّة من سرعة.
ظاهرة السّتّمائة مراوغة وتعني التّفكير في شيء واحد أثناء الاستماع أو المشاركة في موضوعٍ آخر بعيدًا عن هذا الموضوع. فأنت وأثناء الحديث إلى شخص آخر تكون لديك ستّمائة كلمة إضافيّة في الدّقيقة الواحدة للتّفكير في أمور أخرى.
ولهذا مخاطر عدّة منها إمكانيّة تسرّب أفكار الآخرين إلى عقلك بسهولة. فتبدأ حينها في مشاركتها. ويمكن لكلمة بسيطة أن تشتّت تركيزك. وعليه ينبغي لك تحسين السّيطرة على قدرة استيعابك الذّهنيّة سواء كان ذلك أثناء الحديث أو الاستماع. وكذلك إدارة ظاهرة السّتّمائة مراوغة عندك.
وحتّى تنجح في الوصول إلى الاختصار الفعّال فعليك أن تتمكّن من إدارة ذهنك أثناء الحديث أو الاستماع. ومنع سبل التّشتيت من النّيل منك. وإن كنت متحدّثًا تنجح في إيصال رسالتك بأقلّ عدد من الكلمات. لأنّنا اليوم نعيش في عالم مُنهك من المعلومات وإن فشلت في جذب انتباه الآخرين وإيصال رسالتك إليهم باختصار. فسينفض الجميع من حولك.
ولكن هل الاختصار يعني تقصير الوقت فقط؟
نظرًا لانشغال النّاس وازدحام أوقاتهم. ينبغي لمن أراد إيصال فكرته إليهم أن يُجيد فنّ اختصار الفكرة المراد توصيلها. والاختصار الجيًد المفيد هو الذي يستطيع صاحبه توصيل فكرته بطريقة واضحة بيّنة في أقلِّ وقت ممكن. إذ ليس المقصود من الاختصار مجرّد اختزال الوقت مع عدم استيفاء الغرض من الفكرة.
فالشّخص الذّكيّ هو من يستطيع الموازنة بين إيصال الرّسالة وتوضيح الفكرة للأشخاص المعنيّين في وقت زمنيٍّ قصير.
يتّصف عالمنا اليوم بالسّرعةِ الفائقة والزّخم الفائق للمعلومات. وهو ما يتسبّب في تعرّضنا لمقاطعات ومشتِّتات كثيرة خلال اليوم. ما يؤدّي إلى نفاد الصّبر وانعدام القدرة على التّحمّل. وعليك حينها توضيح وجهة نظرك قبل أن تفقد مستمعيك.
ولكن هل أنت أيضًا من أولئك الأشخاص الذين يتسبّبون في تشتيت وتعقيد حياة الآخرين؟ عليك أن تعي إذن أنّ عليك تعلّم الاختصار حتّى لا تزيد من شتات النّاس. فهم لا يتسامحون حينما يغيب الاختصار.
وحتّى تعرف إن كنت شخصًا يمتلك ملكة التّلخيص اختبر نفسك وأجب على هذه الأسئلة:
بإمكانك الاستماع مدّة ساعة من المعلومات المعقّدة ثم تلخّصها في تقرير مدّته دقيقتان؟
هل عروضك التّقديميّة تحتوي على أقلّ من عشر شرائح وكثير من الصّور وكلمات قليلة؟
وهل بإمكانك أن تدرك على الفور عندما تفقد انتباه الآخرين؟
هناك وبحدّ تعبير الكاتب سبع خطايا لا إراديّة تعوق الاختصار:
• الجبن؛ فالشّخص الجبان عادةً لا يُحسن التّعبير عمّا يريد فيستهلك وقتًا طويلًا لإيصال رسالته إلى الآخرين.
• الثّقة الزّائدة؛ حيث إنّ الشّخص الواثق جدًّا من نفسه قد يستهلك طويلًا جدًّا. وهو يتحدّث عن موضوع ما لكثرة المعلومات التي يمتلكها فيظنّ نفسه يفيد المستمع في حين أنّ الأخير يحتاج إلى الاختصار.
• الجمود؛ وهو تردّي أسلوب المتحدّث حيث تجده يتكلّم بنمطيّة ولا يسعى لجذب المستمع.
• الرّاحة وارتفاع الكلفة بين المتحدّث والمستمعين ممّا يولّد قلّة احترام وكثرة المقاطعات والتّعليقات التي تطيل الكلام.
• الارتباك؛ فيكون ذهنك مشتّت أثناء التّقديم وبالتّالي لا تنجح في الاختصار.
• التّعقيد حيث يخبر المتحدّث المستمعين بأنّ المسألة شائكة ومعقّدة وهم ينتظرون منه تبسيطها.
•الإهمال؛ حيث إنّك لا تهتمّ بما ستقوله ولا ترتّبه فتقول كلّ ما يخطر ببالك.
فكيف تكون واضحًا ومختصرًا؟
لجذب انتباه المستمع عليك الابتعاد عن الأساليب التي تفتقر إلى لفت الأنظار وشدّ الانتباه. وعليه ينبغي أن تعتمد على أساليب منها التّخطيط. فتحوّل مادّة العرض إلى مخطّطات وخرائط ذهنيّة تجعلك مستعدّا لإيصال الفكرة وربط أفكارك بعضها ببعض.
من الأساليب أيضا تحويل المادّة إلى قصة حقيقيّة تسردها بأسلوب ممتع وجذّاب. وأيضا اعتماد أسلوب العرض الجذّاب بالاعتماد على التّجربة البصريّة والتي لها أثر كبير في المستمع.
ختامًا فإنّه ومهما كان منصبك. وحتّى إن كنت شخصًا بسيطًا فعليك أن تتقن فنّ الاختصار حتّى تقتنص الفرص وتجذب انتباه مستمعيك. أو على الأقلّ تكون قد أدّيت واجبك تُجاه فكرتك.