الوصايا اليومية الستة:
قبل الحديث عن الوصايا اليومية, نتسأل كيف يمكننا تحقيق التّوازن بين الرّفاهية والغاية أي بين الطّموح والرّبح المادّي من جهة، وبين المعاني العميقة للحياة والإنجاز الشّخصيّ من ناحية أخرى؟
من خلال هذا الكتاب يقدّم جون تشابلير ستّ مبادئ بسيطة قد تغيّر حياتك وتساعدك على تعزيز رؤيتك الشّخصيّة وتكوين منظور إيجابيّ يوميّ.
إنّ ألم الحيرة والتّشتّت الذي تعاني منه هو دافعك نحو التّقدّم والتّغيير. وتعبيرك عن شعورك بالفراغ يعكس مدى استعدادك للتّغيير. التّغيير الذي هو أوّل خطوات العثور على معنى أعمق للحياة.
لذلك عليك أن توقف الأحكام التّلقائيّة التي تصدرها عل نفسك وعلى زوجتك وأولادك، وعلى من حولك. وكن مستعدّا للتّغيير، وليس ضروريًّا أنْ تجد الإجابة في البيت أو العمل ولكن المهمّ أن تعش وأنت مستعدّ.
إنّنا جميعنا نقاوم التّغيير لأنّنا نخافه. نخاف من تغيّر موقفنا من القديم إذا نحن تعلّمنا شيئا جديدا، لذلك تجدنا نتمسّك بالقديم حتّى لو كانت سلوكيّات خاطئة، عليك أن تعي أنّك ما لم تحاول الخروج من دائرة الأمان والرّاحة فلن تنجح ومن أراد أن يتغيّر فعليه المحاولة.
المعادلة بسيطة:
النّتائج الجديدة تحتاج أفعالا جديدة. والتي بدورها تحتاج النّظر إلى الأشياء نظرة مختلفة.
عليك أن تستعدّ لمواجهة مخاوفك وعدم الاختباء. واستعدّ أيضا للتّخلّي عن السّيطرة، وللتّركيز على نجاح الآخرين عوضا عن التّركيز على أخطائهم.
وعليك التّعلّم من الفشل، وثابر واجتهد وقسّم المهام التي يتوجّب عليك القيام بها حتّى يسهل عليك إنجازها.
بداخلك مركز سلام عليك أن تنجح في الوصول إليه وذلك بالهدوء. وعندما يتحرّر عقلك من سنوات الفوضى الدّاخليّة، ستتغيّر لأنّ الهدوء والسّكينة يستطيعان إيصالك إلى الصّفاء الذي تحتاجه لتتمكّن من اتّباع سبيل جديد في الحياة.
إنّ هذه الفوضى هي نتيجة سنوات من الانشغال بالخارج على حساب الدّاخل، وما إن تبدأ في الهدوء ستتحسّن أمورك وستلاحظ ذلك.
ولا يعني وقت الهدوء اليوميّ الصّمت فحسب. وإنّما أيّ شيء قد يساعدك على تهيئة ذهنك كصورة جميلة، أو قصيدة، أو التّلفّظ ببعضِ الكلمات. عليك فقط أن تستيقظ قبل موعد استيقاظك المعتاد بخمس عشرة دقيقة ثم اسأل نفسك ما الذي ترغب في تحقيقه في يومك هذا؟ وراجع الكلمات التي ستقولها والأفعال التي ستقوم بها. فالهدف من فترة الهدوء اليومي وضع قلبك وأفعالك على المسار الصّحيح.ويمكنك فعل ذلك بالطّريقة التي تجدها مناسبة والتي تجدي معك إذا فقدت التّركيز كأن تأخذ نفسا عميقا أو تمارس التّأمّل.
إنّ السّعادة أمر لا يمكن إدراكه مباشرة وإنّما بالبحث بين أعمال العطاء اليوميّة ولا تسأل عن الذي ستجنيه وإنّما اسأل عن الذي ستقدّمه، وهذا سيكون له تأثير مهمّ على حياتك، وسيكون من أهدافك أيضا العطاء.
وستشعر بالسّعادة والرّاحة عندما تساعد شخصا ولو بكلمة بسيطة.
من الوصايا اليومية, ابذل وقتا أطول يوميّا في العطاء ومساعدة الآخرين وأبقِ على ذلك الأمر سرًّا بينك وبين نفسك.. حتّى يتحوّل ذلك إلى روتين يوميّ، وشيئا فشيئا سيقلّ اهتمامك بالمادّة كالمال والسّلطة والشّهرة وسيصبح همّك الرّئيس كيف تمنح الآخرين من وقتك. ولا تنتظر المناسبات الكبيرة لتعطي. بل اجعل ذلك من ضمن أعمالك اليوميّة، وستجد فرص العطاء أمامك كثيرة في كلّ مكان تذهب إليه؛ كأن تساعد أحدهم على حمل الحقيبة. أو تخلّيك عن مقعدك لأحد ما، أو قول صباح الخير أو شكرا بلهجة صادقة.
الحب يخلق التسامح:
إنّ الحبّ يخلق التّسامح. ولكن التّسامح اختيار بينما الحبّ احتياج، فإذا حقّقنا هذا الاحتياج سيتلاشى الكره وسيحلّ محلّه التّسامح، والذي بدوره سيحقّق لنا القبول. قبول عجزنا عن التّغيير وتقبّل الأمور دون لوم أو تثريب لأنفسنا وللآخرين من حولنا. فالانتقام وتقريع النّفس لا يجلبان الرّاحة، ولكنّ التّسامح والتّعبير عن الحبّ يفعلان ذلك. ولكن هذا لا يعني مقابلة الإهانة بالإحسان! ولكن تتعلّم من ذلك التّغاضي والتّجاوز لتحسن التّصرّف في المستقبل. وتكون ممتنّا لما حدث لأنّه أوصلك إلى ما أنت عليه اليوم. وهذا الامتنان هو نتيجة اختيارك للحبّ عوضا عن الكراهية، وللتّسامح عوضا عن الانتقام.
في النّهاية ستجد أنّ الامتنان قد خلق فيك السّعادة التي لم تكن لتبلغها بالكره والقلق والعداء. واعلم أيضا أنّك تحتاج إلى التّركيز الذي يصنع توازنا بين عقلك وقلبك بطاقة الحبّ وهو ما يمنعك من الانجراف وراء المشاعر.
من ضمن الوصايا اليومية من الخطـأ الاعتقاد أنّ الحصول على المزيد والمزيد هو ما يمنحك قيمة ويجعلك تشعر بالرّضى أكثر، فلا تربط قيمة نفسك بما تملك. لأنّ قيمتك تنبع من وجودك في حدّ ذاته، وتكديس الممتلكات لا يحقّق لك الحب والقبول.
ينبغي أن تمتنّ لما لديك، وتبدأ الاستمتاع بالأشياء البسيطة التي تمتلكها. فالامتنان الحقيقيّ يكمن في التّمتّع بالحرّية الشّخصيّة وتقدير أبسط متع الحياة.
سيعلّمك الامتنان والذي هو جوهر الوصايا السّتّ كيف تهتمّ بالمهمّ دون الالتفات إلى التّفاهات. وينبغي أن تنظر إلى الحياة بعين الممتنّ.
اجعل لك قائمة تسجّل عليها الأشياء التي تمتنّ لها وكلّما شعرت بالقلق أو الخوف أو تشوّشت رؤيتك عد إليها. وإعداد هذه القائمة سيكون بمثابة إقرار متكرّر منك بالامتنان، وحتّى إن لم تستطع فعل ذلك عن طيب خاطر افعله مكرها، وتظاهر بالامتنان وستجد نفسك تشعر بالامتنان حقّا بعد فترة قصيرة.
اهم الوصايا اليومية, اعلم أنّ السّعادة ليست في ما تملكه، ولا في ما يحيط بك وإنّما تكمن في نظرتك للحياة.
إن أكبر عقبة في وجه التّغيير هي الخوف ولا علاج للخوف سوى المواجهة والإقدام. وهناك عقبات مبنيّة على الخوف كالخوف من الفشل، ولكن المجابهة تقلّل من الخوف ويصبح قابلا للتّعامل معه.
ومن المخاوف المدمّرة أيضا الخوف من النّجاح لأنّك تخشى أن تنمو الأمور وتزدهر وتخرج بذلك عن نطاق سيطرتك، والحلّ مع هذا الخوف تغيير طريقة تفكيرك، وأيضا الاستعانة بشريك يعينك على إدارة العمل.
ثمّ يأتي الخوف من التّغيير والذي يجعلك تستمرّ في عاداتك السّيّئة. ولكن اعلم أنّ الإبقاء على أسلوب حياة لا يتناسب معك هو أمر كارثيّ.
وهناك الخوف من فقدان الصّورة التي اعتاد الآخرون رؤيتك عليها. وعليك أن تعي أنّه ليس من المعقول الحفاظ على ما يدمّرك لأنّه يعجب النّاس!
ورغبة الأنا في الحفاظ على صورتها المثاليّة قد يقضي على محاولات التّغيير.
في ختام الوصايا اليومية اليك تلك الوصية, ينبغي لك الخروج من منطقة الرّاحة التي سجنت نفسك داخلها لسنوات، وقبول الخوف الذي بداخلك، ولا تضيّع وقتك وطاقتك في التّحسّر على ما فات. ختامًا اعلم أنّ أيّ وصيّة لن تنفعك ما لم تدخلها حيّز التّنفيذ، واحرص على أن توازن بين الأمور المادّية كالمال والطّموح من جهة، وبين إنجازاتك الشّخصيّة من جهة أخرى.