, الكمال, أكمل ما بدأت
السعي إلى الكمال رغبة الكثير من الناس، غير إن بلوغ ذاك المنشود قد لا يتحقق فيصبح الكمال عدوا للفرد إذ يقف عائقا بينه وبين النجاح في جميع مجالات حياته.
وفي هذا الكتاب يوضح جون آكوف خطورة السعي إلى الكمال وما ينبغي فعله لتجاوز ذلك.
إياك والرغبة في بلوغ الكمال
عند سعيك لتحقيق هدف أو مشروع ما، فالكثيرون منا تخلوا عن أهدافهم وتركوا مشاريعهم في منتصف الإنجاز
لأنهم اعتقدوا أن ما يفعلونه لن يوصلهم إلى الكمال المنشود،
وبالتالي فإن بلوغ الكمال أصبح الفكرة العدوة للنجاح والتطور وليس الكسل والخمول كما يعتقد بعض الناس.
وأنت عليك أن تصل إلى التميز وهذا التميز لن يتحقق إلا بتحديد العيوب ونقاط النقص ومن ثم معالجتها.
ولتوضيح ذلك ضرب آكوف في الكمال مثلا أنك تتبع حمية غذائية لتخفيف الوزن
، ولكنك في أحد الأيام ضعفت ولم تتمالك نفسك أمام وجبة شهية، فماذا ستفعل في اليوم التالي؟
أنت بين خيارين؛ إما أنك ستستسلم وتترك الحمية بحجة أنك ضعيف ولا تقدر على الاستمرار، فتتخلى عن هدفك لأنك فقدت الكمال الذي كنت تريده، وبهذا تكون قد خسرت كل جهودك في الأيام السابقة.
وإما أنك ستواصل الحمية مع سعيك لترقيع ما بدر منك، وسد ذلك الخلل والنقص بالتسجيل في ناد رياضي،
وهنا تدرك أن معالجة النقص يؤدي إلى التميز وهكذا هي الحياة دائما؛ نقص وسعي من الإنسان لسد ذاك النقص.
ضع سقفا لطموحك لأن الافراط فيه لا تحمد عواقبه، فاحرص على أن تضع لك أهدافا مقبولة تتماشى مع إمكانياتك،
فمن كان ضعيفا في مادة الرياضيات لا يمكن أن يصبح مهندسا،
ومن كان قصير القامة لا يمكن أن يصبح لاعب كرة سلة.
ولكن خفض من سقف طموحك إلى النصف، وكلما أنجزت جزءا سيشعرك ذلك بالرغبة في إنجاز جديد وهكذا.
ولا بأس بذلك فالمهم ترتيب المهام والأهداف حسب الأولوية.
وعليك أن تتجاوز فكرة أنك متميز ورائع وكامل في كل شيء لأن ذلك ليس صحيحا، وعلى سبيل المثال لو كنت طبيبا وتقضي ستة عشر ساعة في العمل، فلا يمكنك حينها أن تكون أيضا أبا مثاليا، ولكن كل ما عليك فعله هو ترتيب أولوياتك وخلق توازن بين عملك خارج البيت ودورك كأب.
فقط احرص على خرق فكرة الكمال لديك مما سيساعدك كثيرا.
كما إنه من الضروري أن تتسم أهدافك بالمتعة والتشويق،
لأن المتعة هي التي ستوصلك إلى الرضى، فتمارينك الرياضية إن لم توفر
لك المتعة فلن تتعدى كونها مسبب للألم لا أكثر.
وتستطيع جعل أهدافك ممتعة من خلال التقليل منها والحد من سقف طموحك،
وأيضا إياك أن تتخذ من أهداف الآخرين هدفا لك لأنها قد لا تتناسب معك، فقد تكون صعبة أو غير منطقية بالنسبة لك.
ضع نصب عينيك أن فكرة الكمال لن تفارقك وما إن تشارف على إنجاز هدفك
حتى تجدها تعاود الظهور أمامك من جديد مما يسبب لك بعض المخاوف والقلق، وهو ما قد يدفعك من جديد للتخلي عما قطعت فيه شوطا كبيرا،
وحينها خذ قسطا من الراحة ثم أعد ترتيب أفكارك ولا تخش ردة فعل الآخرين تجاه مشروعك فأنت لم تطرحه بعد.
ختاما؛ تذكر أن الكسل ليس هو دافع الفشل دائما،
ولكن الرغبة في بلوغ الكمال هي التي تعيق كثير من الناس عن تحقيق أهدافهم،
وعليه فلا تفكر بالكمال وإنما بمعالجة النقص وتلافي العيوب والمضي نحو النجاح شيئا فشيئا.