إياك أن لا تدرك الغاية من إياك
إياك أن لا تدرك الغاية من إياك: هي كلمة غاية في الأهمية يراد بها التنبيه و التحذير، و هي على قلة حروفها منبهة
إلى خطر أمر كبير لابد من الاحتراز، ثم ما يحترز منه هي أمور كثيرة و لكن أردت التنبيه على بعض الأمور المهمة
في حياتنا اليومية، و في علاقاتنا، و ما يتعلق ببناء شخصيتا و مستقبلنا.
إياك هذه الأمور: من الأمور التي يجب التحذير منها، فهي أمور كثيرة يمكن الإشارة إلى بعض منها:
الأول: الجهل، الجهل أم المصائب، وفيه تتعطل نعمة العقل.
الثاني: أن لا يجسن إدارة علاقته الاجتماعية، بفعل ما يسوء من الأخلاق و التي منها النميمة،
فإنها لا تترك مودة إلا أفسدتها، ولا عداوة إلا جددتها، ولا جماعة إلا بددتها، ولا نارا إلا وقدتها،
ثم لابد من عرف بها أو نسبت إليه أن يتحفظ من مجالسته، ولا يؤتي بناحيته وأن يزهد في مناقشته،
وأن يرغب عن مواصلته، و قريب منها الكلام وأعراض الناس، فإنَّ الحر لا يرضيه من عرضه شيء.
إياك أن لا تدرك الغاية من إياك، الثالث: أن يتكلم لكل شيء في كل شيء
، وأن يضرب لسانه عنقه، فيطول بالحديث في أمور لا يحسنها الشخص و لا يتقنها.
الرابع: إياك وما يعتذر منه، فلا ينبغي للعاقل أن يدخل في علاقات اجتماعية و أمور وظيفية،
ثم تنقلب الأمور رأسا على عقب، ويكون في الأغلب هو السبب، فيضطر إلى الاعتذار بشيء من الذل و الاحتقار،
فلا نفسه صان بل ورطها وأهان .
الخامس: كثرة المزاح فانه يجر كل أمر قبيح، ويورث في النفس الضغينة، و يذهب قدر الإنسان في مجتمعه و محيطه ،
فكن خفيف الظل و الفرح و الانبساط على ما يقتضيه الحال دوما.
السادس: السآمة: وهي الملل في طلب الأمور، فإنه تؤخر الشخص، فيصير دون كثير من الناس،
بل العاقل من يجد ويجتهد حتى يبلغ آماله ويحسن حاله، وقريب من هذا المعنى الكسل والضجر،
فإنك إذا كسلت لم تؤدّ حقا.
السابع : كثرة الخطأ : إياك أن تخطئ مرّتين، لأن الخطأ مرتين لا يحسن بالعاقل أبدا ، لأنه يدل على قلة عقله ،
و قد يؤدي إلى عدم تقدير الناس له .
الثامن: ترك ضبط الانفعالات: إياك والغيرة فإنها مفتاح كثير من الشرور، وإياك والمعاتبة فإنها تورث البغضاء،
وإياك والمراء فإنه لا تعقل حكمته ولا تؤمن لهجته، إياك والكبر، وليكن فيما تستعين به على تركه علمك بالذي منه كنت، والذي إليه تصير، إياك وعزة الغضب فإنها تفضى بك الى ذلة الاعتذار.
التاسع : ترك ضبط العلاقات: إيّاك ومن مودّته على قدر حاجته فعند ذهاب الحاجة ذهاب المودّة، إياك ومصاحبة الأحمق، فإنه ربما أراد أن ينفعك فضرّك، إياك وصحبة من مودّته بشره فإنه بمنزلة الريح، وإياك ومصادقة الكذاب فانه يقرب اليك البعيد ويبعد عليك القريب، وإياك ومصادقة البخيل فانه يقعد عنك احوج ما تكون اليه، وإياك ومصادقة الفاجر فانه يبيعك بالتافه.
العاشر: التعجل بالإجابة: إياك والسرعة عند المسألة بنعم، فأن اولها سهل في مخرجها، واخرها ثقيل في فعلها، واعلم ان لا وان قبحت فربما روحت، وان سئلت امرا فقدرت عليه فأجب، وان عرفت ان لا سبيل اليه فاعتذر منه، فأنه من لم يغد معتذرا فقد ظلم.
و أما ما يجب للإنسان أن يحذر منه، فهي أمور كثيرة ، و في هذا المقال نتف صغيرة لعل فائدتها كثيرة .