العقل الإيجابي
الكتاب للمؤلفين دانيال جي سيجل وتينا باين بريسون وقد حاولا من خلاله تقديم ما يلزم الآباء من خطوات وخطط لتوجيه عقول أطفالهم ومساعدتهم على اكتساب المرونة اللازمة للانفتاح والتعامل مع الآخرين.
تنقسم العقول إلى نوعين: عقل إيجابي وعقل سلبي؛ فأن تجلس مع نفسك لوقت قصير وأنت تردد كلمة «لا». ستكتئب ويضيق صدرك ويكون عقلك حينها عقلا سلبيا.
ولكن ردد ولنفس المدة كلمة «نعم»؛ ستشعر براحة لأن معنى التأكيد والموافقة يريح نفسيا. ويكون عقلك حينها عقلا إيجابيا.
والفرق بين العقل الإيجابي والعقل السلبي أن الإيجابي يكون مرنا في التعامل مع ما يواجه من مشاكل ومصاعب. وقادرا على بناء علاقات قوية مع من حوله، على عكس السلبي الذي يكون عدائيا وغير قادر على بناء جسور تواصل مع الآخرين.
ولتنمية سلوك العقل الإيجابي لدى أطفالنا نحن بحاجة لتنمية أربعة صفات في الطفل وهي:
• التوازن النفسي؛ ويتم ذلك عندما لا نقابل أخطاء أطفالنا وبكاءهم بالغضب منهم والصراخ في وجوههم. وعلى سبيل المثال؛ إذا اصطحبت طفلك إلى المدرسة فأخذ يبكي عندما هممت بالمغادرة، فمن الخطأ حينها أن تقول له ذلك القول المعهود: لقد كبرت وأصبحت رجلا. وإنما ينبغي لك أن تجلس بجانبه وتعبر له عن مدى حبك له. وأن التعليم أمر مهم، وأنك أيضا تتألم لابتعاده عنك، ثم تحدثه عن إيجابيات المدرسة والوقت الذي سيقضيه فيها، والأصدقاء الجدد الذين سيتعرف إليهم، ثم تستأذن إدارة المدرسة للبقاء وقتا أطول مع طفلك قبيل بدء الدروس. وهكذا تفعل يوميا وفي كل مرة تقلل من الوقت الذي تقضيه مع طفلك حتى يعتاد على ذلك ويحب المدرسة.
واعلم أيضا أن سرعة التوازن العاطفي لدى الأطفال مرتبطة بسرعة تعبيرهم عن مشاعرهم وهذا ما ينبغي لك فعله. أن تسهل على الطفل التعبير عن مشاعره. وهناك طريقة فعالة لذلك؛ وهي أن تقسم المشاعر لدى الطفل إلى ثلاثة ألوان: الاطمئنان والهدوء يرمز إليه بالمنطقة الخضراء. والغضب والانفعال يرمز إليه بالمنطقة الحمراء. والانزعاج البسيط يرمز إليه بالمنطقة الزرقاء. وهذا التقسيم سيجنب الطفل ذكر المشاعر السيئة التي يشعر بها. ويجعله أكثر قدرة وسرعة على التعبير عن عواطفه.
• تطوير المرونة: نتعرض في حياتنا لكثير من المواقف التي تأتي على خلاف ما أردناه. ولذلك كان لزاما علينا التحلي بالمرونة لمواجهة تلك المواقف. ومن المهم تمرين الطفل على اكتساب المرونة اللازمة لمواجهة الخوف والفشل لا الهروب منهما. وأيضا تعليمه المخاطرة والمغامرة، وخوض غمار التجربة.
فلو كان ابنك يحب كرة القدم ولكنه لا يريد اللعب لأنه يخشى من عدم امتلاك المهارة اللازمة ويخشى الفشل. وحينها ينبغي لك أن تشجعه على اللعب وأن تجعله يدرك أنه لن يخسر شيئا إن هو جرب ذلك.
• الفطنة: وتعني النظر في طريقة تفكيرك خلال موقف ما ثم إعادة تنظيمها؛ فعلى سبيل المثال عند حدوث موقف قد يستفزك ويثير غضبك كأن يتعطل مكيف السيارة في يوم حار ويبدأ طفلك بالصراخ والبكاء.
اتبع نظرية المشاهد, لعقل ايجابي اكثر:
أي حاول أن تنظر إلى نفسك خلال تلك اللحظة. واستشعر تلك المشاهدة والرقابة عليك، ستعرف ساعتئذ أن الموقف لا يحتاج منك كل هذا الغضب تجاه أطفالك. وستدرك أنهم صغار ولا يستحقون منك ذلك.
علم طفلك بالاعتماد على مناطق الألوان التي ذكرناها سابقا أنه في المنطقة الحمراء يبدو كالبركان الثائر. وأنه يحق له التضايق شيئا ما، ولكن ينبغي له أن يصبر ويتحمل قليلا لتجاوز ذلك الضيق الذي يشعر به.
• التعاطف: يعتبر التعاطف من أهم المميزات التي تساعد على الانفتاح على الآخرين، ومن الضروري جدا تنمية هذه القيمة في نفس وعقل الطفل، ويكون ذلك أولا من خلال الأب نفسه، الذي عليه أن يظهر تعاطفه مع من حوله، ويخبر أطفاله ان هناك فئة من الناس في المجتمع بحاجة للمساعدة ومد يد العون.
ختامًا؛ احرص على الاعتماد على هذه الصفات الأربع، وتطويرها وتنميتها، وافسح المجال لطفلك للعب لأن ذلك ينمي ذات الطفل وعقله.