fbpx
الزوجية والعاطفية

كنت أود أن أعرف هذا قبل الزواج.

   

كنت أود أن أعرف هذا قبل الزواج، فالزواج نقطةً مفصليّةً في حياةِ الإنسانِ.

كانَ لزامًا على كلِّ شخصٍ؛ رجلا كان أو امرأة أن يولِي هذا الأمر الأهمّيّة الكبرى فِي حياتِه

فيعدّ عدّته ويسعَى لفهم المهاراتِ اللّازمةِ لنجاح العلاقة الزّوجيّة على جميعِ الأصعدة.

وقد سعى الكاتبُ الأمريكيّ جيري تشابمان في كتابِه  «كنت أود أن أعرف هذا قبل الزواج».

يرى الكاتبُ أنّ الحبّ وحده ليس كافيًا لاتّخاذ قرار الزواج.

فأشخاص كثيرون يقعون في الحبّ قبل الزّواج ولكن تكون هناك فوارق كبيرة بينَ الطّرفين

. روحيّة، واجتماعيّة، كما ويوجد تباعد بينهما من حيثُ القيم والمبادئ التي يحملها كلّ طرف

. ومع ذلك يكتفيان بتلك المشاعر التي تتولّد بينهما ويعتبرانها كافية للزّواج. ثمّ وبعد مضيّ وقت قصير على زواجهما يصطدم كلّ طرف منهما بما كان محجوبا عنه في الطّرف الآخر من عاداتٍ وطباعٍ وأفكار. فينتهي بهما الأمر إلى ما لا تُحمد عقباه وهو الطّلاق.
ويقسّم الكاتبُ الحبّ إلى مرحلتين؛ مرحلة أولى مدّتها سنتين وهي مرحلة تحتاج إلى جهد لتثبيت بنيان العلاقة. ثمّ مرحلة ثانية تأتي بعد تلك المدّة يكون فيها الطرفان أكثر وعيا وعقلانيّة وتحتاج أيضا إلى جهد للاستمرار ولكن نتائجها تكون مذهلة.

ويعتبر الكاتبُ أن مشابهةَ الولد لأبيه والبنت لأمّها ليست خرافة وإنّما هي حقيقة. فالابن يتأثر كثيرا بوالده ويأخذ عنه السّلوك والطّباع. وكذلك البنت التي تتأثر كثيرا بوالدتها فيظهر ذلك لاحقا خلال العلاقة الزوجية. ولكن بإمكان الأبناء الواعين والذين يقرّون بأخطاء بعض الوالدين أن يتفادوا السّقوط في تلك الصّفات السّيئة التي قد يرثونها ويكون ذلك قبل الزّواج باستشارة خبير. أو قراءة كتاب تكون فيه مجموعة من النّصائح والخطوات المفيدة لتلافي ذلك.
كما ويشير الكاتبُ إلى نقطة مهمّة وهي طريقة التّواصل بين الزّوجين. فالزوجة قد تكون عاشت مع أمّ دأبت على مقاطعة حديث زوجها باستمرار وتصحيح كلامه. فتتأثّر الابنة الزّوجة بذلك وتفعله مع زوجها. ولذلك فمن المهمّ جدّا إذا كانت الزّوجة تعلم ذلك وتقرّ به أن تناقش الأمر مع الطّرف الآخر أثناء فترة الخطوبة ويحاولان معًا إيجاد حلّ لذلك قبل التّصادم بعد الزواج.

الخلافات الزّوجيّة أمر طبيعيّ


ويعتبرُ الكاتبُ أنّ الخلافات الزّوجيّة أمر طبيعيّ في أيّ علاقة. ولكن الكثيرين لا يقدّرون ذلك وهو شيء بديهيّ ناتج عن اختلاف البيئة التي نشأ وتربّى فيها كلّ طرف. وكذلك اختلاف الطّباع من شخص لآخر. وهناك أزواج يعون ذلك ويستوعبونه ويسعون لتدارك الخلاف بتنازل أحدهما بكلّ محبّة وودّ عمّا قد يعكّر صفوهما. بينما هناك آخرون لا يقدّرون ذلك ممّا يؤدّي إلى كثير من المشاكل ويؤثّر سلبا على العلاقة الزّوجيّة.

ثمّ يشير الكاتبُ إلى أهمّيّة الاعتذارِ بين أيّ زوجين. فلا أحد من البشر معصوم عن الخطإ أو الزلل. والخطأ قد يكون بالقول أو بالفعل، وهذه الأخطاء إن تراكمت دون اعتذار من المخطئ تساهم في خلق فجوة بين الزّوجين، ويرى الكاتب أنّ الاعتذار له خمس لغات وعلى كلّ طرف أن يعرف اللغّة التي يتقبّل بها الطّرف الآخر الاعتذار. وأوّل تلك اللّغات النّدم فيشعر المخطئُ شريكه بأسفه وندمه على ما بدر منه تُجاهه، وكذلك لغة التّعويض عن ذلك الخطإ. كما قد يكون الاعتذار تعبيرًا عن صدق الرّغبة في تغيير السّلوك الخاطئ.


ويرى الكاتبُ

أنّ نسيان الإساءة وعودة المياه إلى مجاريها بين الطّرفين ليس بالأمر السّهل. إذ أن العقل البشريّ بطبعه وحسب العلماء مقسّم إلى جزءين. العقل الواعي، والعقل اللّا واعي. ويحدث أن تحضر بعض الذّكريات وبخاصّة المؤلمة فجأة من العقلِ اللّا واعي إلى العقل الواعي، ولكن هذا لا يعني أنّ الغفران لم يكن صادقًا، ولكن طبيعة البشر أنّهم يتذكّرون، فالغفران يكون وسيلة لإعادة صفاء العلاقة وصفوها. ولا يعيد الثّقة وإنّما يفتح الطّريق لعودة تلك الثّقة التي فُقدت بسبب إساءة ما. وبذلك يتجاوز الزّوجان ما يعترض علاقتهما من صعابٍ. وقد اختصر الكاتبُ ذلك بعبارة جميلةٍ: لا يوجد زواج ناجٍ إلّا باعتذار أمين، وغفران صادق.

بعد ذلك انتقل الكاتبُ للحديثِتن الأدوار الزّوجيّة. حيث بيّن ما كانت عليه طبيعة الأدوار في السّابق حيث يكون دور الزّوج العمل خارج المنزل لتأمين احتياجات العائلة. بينما يكون عمل الزّوجة في البيت، ولكن وفي المجتمعاتِ الحديثةِ تغيّرت طبيعة الحياة فتغيّرت بذلك أدوار الزّوجين خاصّة بعد خروج أغلب النّساء للعمل خارج بيوتهنّ. وأصبحن بذلك ينتظرن من الازواج مقاسمتهنّ أعمال البيت. ولتفادي ما قد ينجم عن هذا من خلافات فالأولى مناقشة الطّرفين للأمر وتحديد الأدوار قبل الزّواج.
ويرى الكاتبُ أنّه من الحماقة أن يظنّ الطّرفان أنّ مثل هذه الأمور قد يتغلّبان عليها بالحبّ وحده. كما وأنّه لملّ طرف مهاراته الخاصّة به، ولا يُشترط التّوافق التّام في المهارات. بل على كلّ منهما استغلال مهارات الطّرف الثّاني لإكمال دوريهما في نجاح العلاقة الزّوجيّة. وعموما تبقى المهامّ الزّوجيّة مرتبطة بالظّروف والأهواء ولذلك ينبغي للزّوجين مناقشتها بين فينة وأخرى من أجل علاقة أكثر انسجاما.

لزواج أفضل:

ومن أجل زواجٍ أفضل يذكّر الكاتبُ بارتباطِ الزّوجين بعوائل جديدة وهي أسرة الزّوج وأسرة الزّوجة. وهي علاقة عادة ما تكون وطيدة في المجتمعات الشّرقيّة على خلافِ المجتمعاتِ الغربيّ. ويرى أنّه من الضّروري جدًّا لكلا الزّوجين مراعاة الاختلافات والفروق الاجتماعيّة التي تكون بين العائلتين، والأبعاد الدّينيّة، وأنّه لكلّ فردٍ طباعه وأفكاره الخاصّة، كما وينصح الكاتبُ بالتّلطّفِ عند الإصغاء، واختيارات العبارات المناسبة للتّعبير عمّا يكونُ قد أساء له باستعمال صيغة المتكلّم عند الحديث لا صيغة المُخاطب، كما ومن المهمّ تعلّم أبجديّات التّحاور مع الأنسباء، وإتقان لعة المحبّة الخاصّة بهم، ممّا يساعد في تذويب الخلافات وتجاوز الإختلافات.
ويرى الكاتبُ أنّ للتفرّد في الأفكار والرّغبات تأثير في العلاقات الزّوجيّة وضرب مثالًا على ذلك الشّخص النّهاري والشّخص اللّيلي فلكلّ منهما رغبة محدّدة ووقت مفضّل للعلاقة الحميميّة بين الزّوجين، ولكن كلّ ذلك يمكن تجاوزه بالنّقاش والحوار، لإيجاد حلّ لتلك الإختلافات.

وفي الختامِ يشيرُ الكاتبُ إلى أنّ الكثيرين من المتزوّجين الذين تتراوح أعمارهم بين العشرين والثّلاثين والذين عاشوا تجربة الانفصال بين والديهم، يعيشون بخوف ملازم لهم من تكرار تجربة والديهم، ولكنّهم لا يحسنون تحقيق هذا الطّموح، ولا يستشيرون أحدا، ولا يحاولون البحث عن مساعدة لهم عبر الحديث إلى معالج أو قراءة كتاب على سبيل المثال، معتقدين أن الحبّ والرّغبة وحدهما كافيان للحيلولة دون الانفصال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى