إذا غابت الشمس طلع القمر: الدلالات والإشارات لمعاني الكلمات
غياب الشمس يشير للفراق والوداع وطلوع القمر ينير السماء باستحياء
إذا غابت الشمس: إن الغياب قد يكون إشارة الفراق، وعلامة الوداع، وقد يكن انقطاع مؤقت لظروف معينة وأسباب واردة، وإذا تعلق الغياب بالشمس فقد تعلق بأمر عظيم، بما تحويه من دلالات وإشارات ومعاني، فإن الشمس علامة النهار، وحاجة الكائنات إليها ضرورية، واستفادة الناس منها عظيمة، و يعتريهم عند كسوفها ما يؤذن بذهابها، كيف وقد احتجب نورها، فكيف إذا ذهب كليا بغروبها، ولولا أن شروقها يتجدد، لبقي أسى غروبها يؤثر في النفوس ويتبدد.
إذا غابت الشمس تعني زوال اليوم وانزعاج الخائفين من الليل
فكثير من الناس لا يحتمل انقضاء النهار، ومنهم من يسارع الزمان حتى يدرك ما يدركه، فإن للخسارة عناوين، ومن الناس من هم في حياتنا شموس، نسعد بأصواتهم ونبراتها، وعيونهم و لغتها، و بوجودهم و أنسهم، و بحركاتهم و إشارتهم، و بما يقدمونه من سند و عون، وبما يبذلونه من تضحية ووفاء، إنهم الشرفاء النبلاء، هذا معدنهم و هذا ديدنهم، و من الناس من هو مثلهم في مكانته و في قوته، غير أنه يحسسنا أن في فقدانه نهاية العالم، و انقلاب الأوضاع، وليس الأمر كذلك فلا بد من طلوع القمر.
طلوع القمر
أما القمر فذلك الكوكب المنير الذي يزورنا بليل على استحياء، ويقطع المسافات على استحياء، وغالب الناس نيام، يتنقل من منزلة إلى منزلة، ويتغير من شكل إلى شكل، فأما حلوته ففي جماله و انتظامه، ومن الناس من هو مثل القمر في عز الأزمات و الأوقات العصيبة، حين يتركك الجميع، ويخذلك الكل، و يمتنع عليك أكل من أحد، وبأكثر من عذر سبب، تسخر لك القمر، وفي هذا قيل:
“إن يبغ عليك قومك لا يبغ عليك القمر”،
وهذه عبارة لمثل سائر فيمن قدَّر طلوع الشمس قبل طلوع القمر أو العكس، و من المؤسف بحال أن من اعتبر حاله شمسًا لك لا يمكنك الاستغناء عنه أبدًا، و أنه وكيلك وكفيلك، قد يذم ذاك القمر الذي أتاك بارتفاعه ونوره، يسدد لك الرأي والرؤية عن هدوء تام وروية، في سكون الليل البهيم، وفي مثل هؤلاء قيل أيضا :
” قد ينبح الكلب القمر”،
وهو يُضرب مثلا للذي يتعرض للشريف بعيب أو أذى، نعم الشريف؛
- لا يمن على أحد،
- لا بعطاء وبذل،
- ولا بمساعدة و مساندة،
وهنا ينبغي أن تنتبه أن اعتراض من يرى في نفسه شمسًا لك؛
- سيأخذ من وقتك وجهدك،
- وعدم الالتفات عين الرأي والصواب،
- وفي هذا قيل كذلك:
“سر وقمر لك”
أي اغتنم ضوء القمر ما دام طالعاً فسر فيه.
* إذا سرى القوم لم أبصر طريقهم … إن لم يكن عندهم ضوء من القمر*
هذا وإن قطعت أشواطًا، وانهيت مسافات فما أحلى السهر والسمر تحت نور القمر، إنه البوح في ظلماتي الليالي والقمر بدرا، ولعل اكتماله بدرًا من اكتمالك فكرًا، فإن اعترض معترض أن نور القمر من ضوء الشمس، فالعبرة أن إذا لم تساعدك الشمس ساعدك القمر، فمن يعطي القليل أفضل ممن يبخل عليك بالكثير، ثم كن كالقمر في ليلة “البَرَاء ” وهي آخر ليلة من الشهر، لتبرُّؤ القمر فيها من الشمس، استغنى عمن خذلك وأوهمك أنك لا تستغني عنه، وأن وجودك من وجوده، وعليك بمن يحفظ لك شرفك وكرامتك في أضعف الأوقات وأصعب الأزمنة.
لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون كل منهما سلطان في مكانه وزمانه،الشمس سلطان النهار ،والقمر سلطان الليل .ما حاجة الشمس بالقمر ؟
وما أحوج القمر للشمس.